الجبنو البيضاء في زمن جدتي
2 posters
Page 1 of 1
الجبنو البيضاء في زمن جدتي
تقول جدتي :" كان للحياة طعمٌ مختلفٌ تماماً عن طعمها اليوم !"
أستغرب جداً من قولها ,ومع ذلك أسايرها بإبتسامة أُتبعها بالقول : " أمرك لله وليس لك خيار سوى العيش معنا ؟!.
إخوتي أبعد نظراً مني يتلامزون بينهم , ثم يقول أحدهم مازحاً " طبعاً ستختلف عليك الحياة بعد وفاة جدي !..
أنتِ تحسّين بغربة وثمة رجل وسيم أعرفه يحسُّ بالغربة ذاتها , لم لا تجمعين غربتك مع غربته وتألفون معاً وطناً جميلاً تعيشون فيه بسلام ؟! "
وتضجّ الصّالة بالضحك ومع ذلك تبقى جدتي صامتة ,و تومئ برأسها وتقول : لو كنتم على درايةٍ بما أعني لما ضحكتم من قولي ..!
ذات يوم تناولت جدتي طعام الإفطار,قدمت لها الجبنة البيضاء التي تحبها فرفضتها قائلة :" وهل تدعون هذه جبنةً بيضاء ؟
دققت النظر في الجبنة وأطلت الإمعان بجدتي ..
وبصدق حدسها فهمت ما يدور في ذهني من شكٍ بوعيها وقوة إدراكها , فما كان منها إلا إنقاذ الموقف بكلماتها :
سقى الله تلك الأيام التي كان للجبن الأبيض فيها مكانته الملوكية على مائدة الإفطار , ليس لطعمه الطّيب فقط ولكن لدسامته و زكاوته و غناه بكل مايمد الجسم بالطاقة والصحة و المناعة , ناهيك عن طعمه الممسّك الذي يبقى بالأفواه إلى اليوم الذي تعاود فيه أكله مرة ثانية ..
الجبنة البيضاء يا طفلتي من أروع وأزكى وأفيد وأطيب الأطعمة للطفل كي ينمو , للحامل كي تغذي الجنين وتتغذى , للطالب كي يستمد الطاقة ويقوى على الحفظ والفهم , للرجل كي يجدد نشاطه على العمل ويشحن طاقته من جديد , للعجائز مثلي كي يأخذ جسمهم ما يحتاجه من الكالسيوم والدسم ويبقى محافظاُ على إتزانه .
ولكن يا ابنتي جبنة اليوم لا تشبه بتاتاً تلك المصنعة في الأمس القريب , فلا اللون لونها ولا الطعم طعمها ولا الشكل شكلها ولا المكانة ذاتها , أين هي اليوم من الأمس ؟
قاطعتها بسؤال طفولي ساذج أملك جوابه الواضح !
جدتي : هل كنتم تعاملون البقرة الحلوب بمزيد من الإهتمام فتدر عليكم حليباً ممزوجاً بفيض إهتمامكم ؟
أم هل كان لها طعامٌ مختلف عن الطعام الذي تأكله اليوم , و للعشب مذاقٌ متباين عن مذاقه اليوم ؟
رمقتني جدتي بذات النظرة التي رمقتها بها مسبقاً , وقالت :
إنّي على يقين يا ابنتي أن البقرة التي أنتجت حليب الجبن في الأمس مازالت على قيد الحياة تواصل مهمتها التي خُلقت لأجلها , كما أني على يقين أن عشبها يعاود في كل مرة تقتاته النمو من جديد , ولكن ما أشك به فعلاً .. هو ذلك الحلاب وذاك الصانع الذين تغيرت طباعهم وقناعاتهم , فما كان غشاً بالأمس أصبح اليوم يعني تجارة وشطارة ؟!
فإنفصلت تبعاً للشطارة القشدة عن الحليب كما تنفصل الروح عن الجسد , و كان لكلٍ إستعماله الذي لا يفلح فيه وبالتالي ما كان جبناً أصبح عبارة عن قطع بيضاء طعمها بطعم الهواء المالح !
حاولت أن أبعد حالة اليأس التي راودت جدتي , وأعيد لها حلاوة الحياة فقدمت لها صحناً من الحلاوة , وبضحكة إستهزاء قالت جدتي ..." وهل تسمّون هذه حلاوة ؟"
وقبل أن تبدأ بالحديث عن حلاوة أيام زمان إنسحبت من أمامها بخفة إستطعت معها أن أقطع الحديث ..!
و لكن لا أخفيكم أني توجست خيفةً من ذلك اليوم الذي سأقول فيه لأحفادي " كان للحياة طعمٌ مختلفٌ تماماً عن طعمها اليوم !"
أستغرب جداً من قولها ,ومع ذلك أسايرها بإبتسامة أُتبعها بالقول : " أمرك لله وليس لك خيار سوى العيش معنا ؟!.
إخوتي أبعد نظراً مني يتلامزون بينهم , ثم يقول أحدهم مازحاً " طبعاً ستختلف عليك الحياة بعد وفاة جدي !..
أنتِ تحسّين بغربة وثمة رجل وسيم أعرفه يحسُّ بالغربة ذاتها , لم لا تجمعين غربتك مع غربته وتألفون معاً وطناً جميلاً تعيشون فيه بسلام ؟! "
وتضجّ الصّالة بالضحك ومع ذلك تبقى جدتي صامتة ,و تومئ برأسها وتقول : لو كنتم على درايةٍ بما أعني لما ضحكتم من قولي ..!
ذات يوم تناولت جدتي طعام الإفطار,قدمت لها الجبنة البيضاء التي تحبها فرفضتها قائلة :" وهل تدعون هذه جبنةً بيضاء ؟
دققت النظر في الجبنة وأطلت الإمعان بجدتي ..
وبصدق حدسها فهمت ما يدور في ذهني من شكٍ بوعيها وقوة إدراكها , فما كان منها إلا إنقاذ الموقف بكلماتها :
سقى الله تلك الأيام التي كان للجبن الأبيض فيها مكانته الملوكية على مائدة الإفطار , ليس لطعمه الطّيب فقط ولكن لدسامته و زكاوته و غناه بكل مايمد الجسم بالطاقة والصحة و المناعة , ناهيك عن طعمه الممسّك الذي يبقى بالأفواه إلى اليوم الذي تعاود فيه أكله مرة ثانية ..
الجبنة البيضاء يا طفلتي من أروع وأزكى وأفيد وأطيب الأطعمة للطفل كي ينمو , للحامل كي تغذي الجنين وتتغذى , للطالب كي يستمد الطاقة ويقوى على الحفظ والفهم , للرجل كي يجدد نشاطه على العمل ويشحن طاقته من جديد , للعجائز مثلي كي يأخذ جسمهم ما يحتاجه من الكالسيوم والدسم ويبقى محافظاُ على إتزانه .
ولكن يا ابنتي جبنة اليوم لا تشبه بتاتاً تلك المصنعة في الأمس القريب , فلا اللون لونها ولا الطعم طعمها ولا الشكل شكلها ولا المكانة ذاتها , أين هي اليوم من الأمس ؟
قاطعتها بسؤال طفولي ساذج أملك جوابه الواضح !
جدتي : هل كنتم تعاملون البقرة الحلوب بمزيد من الإهتمام فتدر عليكم حليباً ممزوجاً بفيض إهتمامكم ؟
أم هل كان لها طعامٌ مختلف عن الطعام الذي تأكله اليوم , و للعشب مذاقٌ متباين عن مذاقه اليوم ؟
رمقتني جدتي بذات النظرة التي رمقتها بها مسبقاً , وقالت :
إنّي على يقين يا ابنتي أن البقرة التي أنتجت حليب الجبن في الأمس مازالت على قيد الحياة تواصل مهمتها التي خُلقت لأجلها , كما أني على يقين أن عشبها يعاود في كل مرة تقتاته النمو من جديد , ولكن ما أشك به فعلاً .. هو ذلك الحلاب وذاك الصانع الذين تغيرت طباعهم وقناعاتهم , فما كان غشاً بالأمس أصبح اليوم يعني تجارة وشطارة ؟!
فإنفصلت تبعاً للشطارة القشدة عن الحليب كما تنفصل الروح عن الجسد , و كان لكلٍ إستعماله الذي لا يفلح فيه وبالتالي ما كان جبناً أصبح عبارة عن قطع بيضاء طعمها بطعم الهواء المالح !
حاولت أن أبعد حالة اليأس التي راودت جدتي , وأعيد لها حلاوة الحياة فقدمت لها صحناً من الحلاوة , وبضحكة إستهزاء قالت جدتي ..." وهل تسمّون هذه حلاوة ؟"
وقبل أن تبدأ بالحديث عن حلاوة أيام زمان إنسحبت من أمامها بخفة إستطعت معها أن أقطع الحديث ..!
و لكن لا أخفيكم أني توجست خيفةً من ذلك اليوم الذي سأقول فيه لأحفادي " كان للحياة طعمٌ مختلفٌ تماماً عن طعمها اليوم !"
ساسا الدلوعة- المديرة العامة
- Posts : 32
Join date : 2009-12-21
Age : 27
Location : in here
Re: الجبنو البيضاء في زمن جدتي
ههههههههههه بلا هل العلقة ما سدقنا ئيمت خلصنا من الجبنة صرنا بل الحلاوة ههههههههههههه
Page 1 of 1
Permissions in this forum:
You cannot reply to topics in this forum